Zifzafa
لعبة فيديو تكافح الاستعمار الأخضر في مرتفعات الجولان المحتل
جولة في محاكاة لعبة الفيديو

استولت إسرائيل على 70 في المئة من مرتفعات الجولان السورية واحتلتها في عام 1967. وتم تهجير ما يقارب 131,000 شخص من 344 قرية قسراً من منازلهم. ومنذ ذلك الحين، عانى أولئك الذين بقوا في أراضيهم تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
خلال صيف عام 2023، تظاهر سكان الجولان المحتل (الجولانيين) ضد محتليهم الإسرائيلي على نطاق لم يسبق له مثيل منذ أربعين عاماً. لقد كان مشروع الحكومة الإسرائيلية لبناء 31 توربيناً للرياح بارتفاع 256 متراً هو ما دفع هذه المظاهرات. ومن شأن هذه توربينات الرياح أن تطغى على آخر مساحة متاحة للجولانيين. ستنتج هذه التوربينات 0.6 في المئة فقط من احتياجات إسرائيل من الطاقة، وسيتم بناء معظمها على بعد عشرات الأمتار من المنازل والمزارع الجولانية.
واعتمادًا على سرعة الرياح، يمكن أن يولد كل توربين ما بين 70 إلى 90 ديسيبل من الضوضاء. وهي شدة صوتية تعادل تلك التي تصدر عن طريق سريع مزدحم. ستبلغ مساحة البصمة الصوتية لمشروع توربينات الرياح هذا 16 كيلومترًا مربعًا، مما يعني أنه سيغتطي في الضوضاء ربع المساحة المحددة للجولانيين. سيؤدي هذا التلوث الضوضائي إلى ضم قطعة الأرض المخصصة للمشروع بشكل فعال، مما يجعلها غير صالحة للسكن ويعيق أي توسع مستقبلي للقرى والبلدات والمزارع الجولانية.

ومن أجل دعم المجتمع الجولاني المحتل في مواجهة هذا المشروع، تعاونت منظمة “Earshot” بشكل وثيق مع المرصد، وهو المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان المحتل، لتطوير أداة رقمية "زفزافة" ذات هدفين رئيسيين: الاعتراض والمحافظة. زفزافة هي لعبة فيديو تحاكي بدقة كيف سينتشر التلوث الضوضائي الناتج عن توربينات الرياح، ويحتل الأرض ويغيّر طبيعة حياة المجتمع الجولاني المحتل. من خلال زفزافة، يمكن للاعبين التجول نحو المنازل والمزارع الأكثر تضررًا من التلوث الضوضائي ودخولها وتجربة التأثير الضاغط لهذا الضم الصوتي رقميًا. لكن توربينات الرياح ليست الشيء الوحيد الذي يمكن سماعه في زفزافة. لقد قمنا بتضمين أكثر من 40 تسجيلاً ميدانياً محدّد الموقع الجغرافي في نسخة طبق الأصل من طبوغرافية الجولان. وبهذه الطريقة، تعمل محاكاة لعبة الفيديو كأرشيف للحياة الصوتية النابضة بالحياة للمجتمع الجولاني المحتل. تتنوع هذه التسجيلات بين الأغاني والآلات الموسيقية إلى الحياة البرية وحفلات الزفاف، مما أدى إلى إنشاء موقع رقمي يحفظ بعض الذكريات الصوتية للمجتمع الجولاني المحتل قبل أن تُحجب عن السمع. في الوقت الحالي، زفزافة هي المكان الوحيد الذي يمكن فيه تشغيل التوربينات وسماعها. وفي المستقبل، قد يكون المكان الوحيد الذي يمكن إيقاف تشغيلها فيه.
بينما يتنقل اللاعبون عبر زفزافة سيواجهون مكبرات الصوت، وهي رمز لمقاومة صوتية من الجولان المحتل. وقد تم وضعها في جميع أنحاء المحاكاة. من خلال هذه مكبرات الصوت، يمكن للمستخدمين سماع أصوات من الجولان المحتل تروي تاريخ الاحتلال والمقاومة.
0:00 / 0:00
مشروع توربينات الرياح
في عام 2019، اعترفت الولايات المتحدة رسميًا بتبعية الجولان لإسرائيل. وعلى الرغم من أن القانون الدولي يوضح أن هذا الاعتراف هو احتلال عسكري، إلا أنه سمح لإسرائيل بتعزيز قبضتها التي لا تزال عواقبها مستمرة حتى اليوم. وفي العام نفسه، تم الإعلان عن أول مشروع تطوير في المنطقة: مشروع توربينات الرياح هذا.
وقد تمت تعبئة الشرطة الخضراء التابعة لوزارة حماية البيئة، التي تخضع حاليًا لسيطرة وزير الداخلية الإسرائيلي العنصري علنًا، إيتيمار بن غفير، للإشراف على تنفيذ هذا المشروع قبل البناء المخطط له. وقد أدى انخراط بن غفير في مشروع توربينات الرياح إلى المزيد من الشكوك بأن هذا المشروع لا يهدف إلى توليد الطاقة المتجددة، بل إن هدفه الرئيسي هو طرد العرب من أرضهم ومحو تقاليدهم وثقافتهم.
0:00 / 0:00
ويمثل هذا المشروع أحدث فصل في سلسلة طويلة من مصادرة الأراضي والموارد التي يعاني منها المجتمع الجولاني المحتل منذ أكثر من نصف قرن. دُمرت قرية سحيتا جزئيًا في عام 1967، ثم سويت بالأرض في عام 1972 لإفساح المجال أمام إقامة موقع عسكري إسرائيلي. سعت العديد من العائلات الـ 37 التي جاءت من هذه القرية المندثرة الآن إلى البحث عن الأرض وسبل العيش في نفس المكان الذي ستُبنى فيه توربينات الرياح هذه. سيكون هذا المشروع المرة الثالثة في الذاكرة الحية التي يتم فيها تجريد هؤلاء الجولانيين من أراضيهم.
اقرأ المزيد عن مشروع توربينات الرياح في هذا التقرير من المرصد: WINDFALL - استغلال طاقة الرياح في هضبة الجولان السورية المحتلة
تصميم زفزافة
في أغسطس 2023، قمنا بتسجيل الضوضاء الناتجة عن توربينات الرياح في غايلدورف بألمانيا. كان هذا هو الموقع الوحيد الذي يمكن الوصول إليه في أوروبا الذي يحتوي على توربينات مماثلة بارتفاع 256 مترًا. كانت هذه التسجيلات ضرورية لمعايرة المحاكاة وضمان دقتها. تم قياس شدة الضوضاء عبر الطيف الترددي على مسافات متعددة من مراوح توربينات الرياح، والتي هي مصدر صوت هذه المحركات. وقد سمح لنا ذلك برسم خريطة لكيفية انتشار الضوضاء عبر طوبوغرافية الجولان. تم أخذ القياسات في يوم بلغت سرعة الرياح فيه 5 عقد تقريباً، وهو ما يرتبط بمتوسط سرعة الرياح في الجولان. عند المصدر، ولّدت التوربينات ضجيجاً يتراوح بين 70 و80 ديسيبل. تُظهر القياسات أن توربينات الرياح ستكون أعلى مصدر للضوضاء في المنطقة التي تمتد من 0 إلى 400 متر. وإنها لا تزال مسموعة بوضوح على مسافة تصل إلى كيلومتر واحد. ولا يزال سكان غايلدورف المقيمين على بعد 5 كيلومترات من مشروع التوربينات سماع الضوضاء، وإن كان ذلك بشكل خافت. أما في الجولان المحتل، يبعد أقرب السكان مسافة 35 مترًا فقط.
تسجيلات ميدانية في غايلدورف


وقد أتاحت التسجيلات والقياسات التي تم أخذها في ألمانيا بمحاكاة الضوضاء الصادرة عن توربينات الرياح رقميًا على طبوغرافية الجولان. ولمحاكاة كيفية تأثير التوربينات على بيئة الجولان المحتل، ليس فقط من حيث ضغط الصوت، ولكن أيضًا من حيث التأثير الاجتماعي، تم إجراء تسجيلات واسعة النطاق للمنطقة التي ستُبنى فيها توربينات الرياح. على مدار عام كامل، عملت منظمة Earshot مع الملحن والفنان الموسيقي الجولاني، بشر كنج أبو صالح. فقد ساهم بتسجيلات ميدانية من الجولان المحتل تلتقط أصوات الحياة المحلية والعلاقة بين الناس وأرضهم: من الحيوانات إلى العواصف الرعدية إلى اللقاءات الاجتماعية. قمنا بتحديد الموقع الجغرافي لهذه التسجيلات، مما يسمح للاعبين بالتنقل بدقة عبر الجولان المحتل من خلال السمع والرؤية.

تهدف زفزافة إلى توثيق الضرر الذي يلحق بالمجتمع الجولاني المحتل باسم الطاقة الخضراء والنظيفة. كما يمكن استخدامها كأداة لإطلاع المحامين والقضاة على كيفية تأثر حياة ومستقبل الجولانيين. وكما هو الحال في العديد من الأماكن حول العالم، فإن ما يسمى بالسياسات الخضراء تؤثر بشكل غير متناسب على المجتمعات التي تواجه اضطهادًا هيكليًا. على سبيل المثال، أصبحت مشاريع توربينات الرياح نقطة خلاف لمجتمعات بالنسبة للسكان الأصليين في النرويج والمكسيك. إن زفزافة، المتوفرة للتحميل من هذا الموقع الإلكتروني، هي المحاكاة الوحيدة المتاحة للجمهور والدقيقة لضوضاء توربينات الرياح حتى الآن. وعلى هذا النحو، في حين أنها تُستخدم في المقام الأول لدعم الجولانيين، إلا أنه يمكن استخدامها أيضًا في العديد من السياقات الأخرى التي تواجه مشاكل مماثلة.

الحق في تقرير المصير الصوتي
في الوقت الذي تخلق فيه توربينات الرياح حدودًا صوتية تحصر مستقبل الجولانيين، وفي الوقت الذي تبني فيه الدولة الإسرائيلية هذه الأسلحة الصوتية لفصل الناس عن أرضهم، صمدت بعض الأغاني والموسيقى الجولانية لأكثر من مئة عام من ممارسات التقسيم والسلب المتعاقبة. وقد سُجلت هذه الأغاني وأُدرجت في زفزافة، لتذكرنا بأن الصوت هو أيضًا فعل مقاومة قوي.
0:00 / 0:00
على الرغم من أن الضوضاء الصادرة عن توربينات الرياح لن تمزق طبلة الأذن أو تسبب ضرراً في السمع إلا أن النتائج التي توصلت إليها منظمة Earshot تظهر أنها ستفصل الناس عن أرضهم بشكل دائم. ينص القانون الدولي على أن لكل شعب الحق في تقرير مصيره على أرضه. وباعتباره أداة من أدوات الاحتلال الإسرائيلي، فيتعارض مشروع توربينات الرياح مع هذا المبدأ. وعلى غرار مفهومي تقرير المصير الاقتصادي والإقليمي، يدافع مشروع منظمة Earshot عن الحق في تقرير المصير الصوتي. يوضح هذا المشروع البحثي الدور الأساسي للصوت في تشكيل مجتمع ما، ويؤكد أن الأرض لا تتعلق فقط بالعناصر المادية مثل التربة والإقليم، بل أيضًا بالعناصر الأقل ملموسة التي تشكل تجربة المكان. تعمل زفزافة كوسيلة لحماية الحياة الصوتية للجولان المحتل من المزيد من أعمال الاحتلال ونزع الملكية. من خلال هذا المشروع، تسعى منظمة Earshot إلى التأكيد على أن للناس الحق في تحديد الصوت الذي يصدر على الأرض التي يعيشون عليها، والضوضاء المسموح بها، والأصوات التي تصبح من سمات مجتمعهم.
0:00 / 0:00


